رئيس جمهورية طاجيكستان

كلمة فخامة الرئيس إمام علي رحمان رئيس جمهورية طاجيكستان في الدورة الحادية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ

20:14 30.11.2015, فرنسا

 السيد الرئيس،

السادة رؤساء الدول والحكومات والوفود،

السيدات والسادة،

 

بداية أود أن أعرب عن تقديري لحكومة فرنسا لاستضافة قمة زعماء الدول الأطراف لاتفاقية تغير المناخ (المؤتمر الـ21) والتي تُكرَّس لمشكلة المعمورة الكبرى – تغير المناخ، كما أود أن اشكر لها على حفاوة الاستقبال.

إن مؤتمر اليوم لا شك هو امتداد لمساعي بلداننا الدؤوبة في اتجاه بلورة نظام المجتمع الدولي من أجل تناول قضية الازدياد المستقبلي لانبعاثات الغازات الدفيئة بغية الحد منها واتخاذ إجراءات للتقليص من وتيرة الاحتباس الحراري والتبعات السلبية لتغير المناخ.

وإن جمهورية طاجيكستان أعربت عن موقفها الوطني استجابة لدعوة منظمة الأمم المتحدة حول معطيات اتفاقية باريس بشأن الحفاظ على حرارة الأرض المتوسطة وفي هذا الاتجاه قامت بالتعاون اللازم ضمن فريق عمل "دوربان".

مع أن حصة جمهورية طاجيكستان في حجم انبعاثات الغازات الدفيئة في البيئة على المستوى العالمي ضئيلة إلا أن بلادنا تعتبر واحدة من الدول التي هي عرضة لمخاطر التغير المناخي. واليوم قد تعرضت قطاعات اقتصاد طاجيكستان الأساسية للتبعات السلبية الناجمة من تغير المناخ.

وبلادنا التي تشكل الجبال 93% من مساحتها تستحوذ على أهم منابع مياه آسيا الوسطى، حيث إن 60% من موارد المنطقة المائية  تتولد من أنهارها الجليدية.

 وإن الذوبان المتسارع للأنهار الجليدية من جراء تغير المناخ يمثل تهديداً جاداً لعملية توفير ظروف المعيشة المناسبة للأهالي والحفاظ على الموارد المائية. ويكفي القول بأن أكثر من ألف نهر جليدي من أصل 14 ألف نهر جليدي مما له أهمية حيوية للمنطقة بأسرها قد اندثرت من الوجود خلال السنوات الثلاثين الماضية.

والوتيرة الحادة لذوبان الأنهار الجليدية من جراء الاحتباس الحراري باتت سبباً لارتفاع نسبة الكوارث الطبيعية وتراجع النظام البيئي المائي. وهذه ظاهرة تتسبب سنوياً في دمار عدد كبير من المنشآت الاقتصدية الوطنية كما تلحق أضراراً مادية جسيمة بالأهالي.

خلال صيف السنة الجارية فقط نتيجة للكوارث الطبيعية الناجمة من المياه لحقت بالسكان وباقتصاد البلاد خسائر مادية فادحة تقدر بمئات الملايين من الدولار الأمريكي. ومع الأسف خلفت هذه الكوارث خسائر كثيرة في الأرواح أيضاً.

والوضع البيئي الراهن قد يجعل أحواض الأنهار العابرة للحدود أكثر عرضة للمخاطر وذلك بسبب النمو السكاني التدريجي والحاجة المتزايدة للتنمية الصناعية والتوسع المتواصل لمساحات الأراضي المائية وانتهاء صلاحيات شبكات الريّ وعدم ترشيد استغلال الموارد المائية والنقص في الإمكانيات للحد من الكوارث الطبيعية والتقليص من آثارها.

 وإن طاجيكستان تقيم تعاونا نشِطاً مع أمانة اتفاقية منظمة الأمم المتحدة الإطارية  بشأن تغير المناخ في سياق عملية إعداد مشروع الاتفاقية الجديدة حول تغير المناخ، حيث إن بلادنا كانت قد طرحت على أمانة الاتفاقية تقريرها الوطني الثالث في وقت مبكر من عام 2014م.

وإلى يومنا هذا تتخذ حكومة جمهورية طاجيكستان إجراءات عملية على صعيد استكمال التشريعات القانونية وسياسة الدولة وتنفيذ مخرجات اجتماعات أطراف الاتفاقية الأممية من أجل الحد من تبعات ظاهرة التغير المناخي والتكيف معها وهي تتعاون بفاعلية في هذا الجانب مع شركائها الدوليين.  

كما يتم إعداد إستراتيجية البلاد الوطنية بشأن التكيف مع التغير المناخي والتي يزمع اعتمادها مطلع عام 2016م.

ومع أن طاجيكستان احتلت المركز الـ 135 بشأن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون(СО2)  وفقاً لتقرير وكالة الطاقة الدولية لعام 2010م، إلا أن بلادنا ضمن مسيرتها للتنمية الاقتصادية تولي عناية خاصة بالقضايا المعنية بتطوير المشاريع الاقتصادية التي ترمي إلى الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة.

والجدير بالذكر أن طاجيكستان كدولة تجريبية في مجال التغير المناخي تقيم علاقات تعاون ناجعة مع المؤسسات الدولية المالية وصندوق المناخ الاستثماري (CIF) وتطوير مشاريع معنية بالتكيف مع التغير المناخي.

وإن جمهورية طاجيكستان إدراكاً منها بمدى حجم انبعاثات الغازات الدفيئة عند عملية استخدام موارد الطاقة ترى أن تنمية قطاع الطاقة المتجددة هي العامل المؤثر لتقليص الانبعاثات. فمن هذا المنطلق تولي بلادنا اهتماماً خاصاً بترشيد استخدام الموارد المتجددة للطاقة ولاسيما الطاقة المائية والتي من شأنها أن تساعد على التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكيف مع المناخ وبلورة "الاقتصاد الأخضر". ومن أجل ذلك فإن تنمية قطاع الطاقة المائية تصنف ضمن الاتجاهات ذات الأولوية لدى حكومة جمهورية طاجيكستان.

ولتحقيق هذا الهدف تواصل طاجيكستان العمل حالياً على ترميم وتجديد وبناء المحطات الكهرامائية بالتعاون مع شركائها الدوليين، كما إنها تتخذ إجراءات عملية من أجل تطوير شبكات نقل الطاقة الكهربائية داخل البلاد وكذلك من أجل الاتصال بغيرها من دول المنطقة.

ومع الأخذ في الاعتبار الأهمية  العالمية لتطوير الطاقة المتجددة فإن جمهورية طاجيكستان من خلال تنفيذ المشاريع الكهرمائية باستغلال مواردها المائية الهائلة تَعتبر أن إقامة التعاون الشفاف إقليمياً ودولياً مع العناية بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للتنمية المستدامة للطاقة المعاصرة يمثل عاملاً مهماً للتكيف مع المناخ.

وإضافة إلى ذلك فإن جمهورية طاجيكستان إذ تقع على منابع الأنهار الأساسية العابرة للحدود في منطقة آسيا الوسطى ترى من الأهمية بمكان القضايا المعنية بإمكانية الحد من الكوارث الطبيعية الناجمة من المياه وإزالة آثارها.

وإدراكاً لأهمية التمويل في اتجاه التغير المناخي فإن جذب الاستثمارات الأجنبية لتنمية قطاع الطاقة المائية في طاجيكستان وإيجاد ظروف ملائمة لتبادل الدول بالطاقة المتجددة بإمكانه أن يساعد على انخفاض مستوى انبعاثات الغازات الدفيئة في المنطقة.

ومن هذا المنطلق تحرص طاجيكستان على إنجاح صندوق المناخ الأخضر لدعم مكافحة التغير المناخي وصندوق التكيف وإقامة التعاون في هذا الاتجاه.

إن ترشيد استغلال الموارد المائية التي تعد أكثر عرضة لمخاطر عملية تغير المناخ يلعب دوراً حيوياً من أجل التوصل إلى أهداف التنمية المستدامة. ويمكن القول بالارتياح بأن هناك نتائج إيجابية وهادفة قد تم إنجازها في إطار العقد الدولي للعمل "الماء من أجل الحياة 2005-2015م". ويمكن أن تتوفر إمكانية واعدة للتعاون في مجال الاستغلال الهادف للموارد المائية في إطار إعلان العقد الجديد تحت عنوان "الماء من أجل التنمية المستدامة"، وهو مقترح تقدمت به طاجيكستان.

إن مخرجات هذا المؤتمر وتدابير العقد الدولي الجديد عند تفعيل الخطوات المنسقة من شأنها أن تساعد على إنجاز الأهداف المشتركة للحفاظ على المناخ وحماية البيئة والتنمية المستدامة.

والجدير بالذكر أن طاجيكستان سباقة في اتخاذ خطوات ثابتة في اتجاه الحد من وتيرة تغير المناخ والتكيف مع هذه الظاهرة وذلك جنباً إلى جنب مع غيرها من الأطراف المعنية.

ومع ذلك فإن المجتمع الدولي بحاجة إلى وثيقة مختصّة تحظى باعتراف كافة الأطراف المعنية نحو تفعيل التعاون الشامل والجماعي من أجل تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة في البيئة والتكيف مع تغير المناخ. ونحن نؤيد عملية إعداد مثل هذه الوثيقة الشاملة.

وترى جمهورية طاجيكستان أن تلك الوثيقة مع الأخذ بعين الاعتبار العوامل المؤثرة، ينبغي أن تتضمن قبل كل شيء مسائل الحفاظ على نظام تقويض انبعاثات الغازات الدفيئة والتشجيع المستقبلي على الحد من الانبعاثات. فعندئذٍ تكتسب الخطوات العملية طابعاً إقليمياً مما يجعلها أكثر  نتاجاً.

وفي هذا الجانب فإن تفعيل التعاون الشامل بين الدول والمؤسسات الدولية ومواصلة حوار الأطراف المعنية وتنمية الطاقة المتجددة وتنفيذ الخطوات الاندماجية في عملية تغير المناخ أمور تمثل عوامل مؤثرةً للتوصل إلى إنجاز الأهداف الأصلية.

وبالتزامن مع ذلك فإن تسوية القضايا المتعلقة بتنمية الشبكات الوطنية لضبط انبعاثات الغازات الدفيئة وتطوير معاهد البحوث الإقليمية وتنفيذ الابتكارات "الخضراء" وإحاطة العاملين في هذا المجال بتعليم اختصاصي سوف تلعب دوراً مهماً في هذا الاتجاه.

وما يخص طاجيكستان فإن تنفيذ الخطوات العملية الرامية إلى حماية النظام البيئي الجبلي، بما في ذلك في مجال الوقاية من تقلص الموارد المائية (الأنهار والبحيرات وموارد الثلوج والأنهار الجليدية) والموارد الطبيعية أمر في غاية الأهمية.

وفي هذا السياق على وجه الخصوص تقتضي القضايا المتعلقة باستغلال الموارد المائية والأراضي الزراعية وتعزيز قطاع الزراعة بهدف تحقيق الأمن الغذائي مزيداً من اهتمام الأطراف المعنية.

وإن وقف تدهور الوضع البيئي مستقبلاً على محيط بحر آرال بما في ذلك الحفاظ على الموارد المائية والأراضي الزراعية وترشيد استخدامها وتوفير استقرار البيئة يتطلب تفعيل الإجراءات العاجلة.

وإن طاجيكستان تتطلع إلى أن الدول المتقدمة وأنظمة منظمة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية والمؤسسات المالية المرموقة لن تألو جهداً في تعاونها مستقبلاً من أجل تسوية القضايا الحيوية الخاصة بالتكيف مع تغير المناخ والحد من وتيره هذه الظاهرة.

وفي ظل الظروف العالمية الراهنة فإن تسوية المشاكل القائمة في اتجاه تقليص العواقب السلبية لتغير المناخ تقتضي منا جميعاً المزيد من الجهود المتضافرة واتخاذ الإجراءات العاجلة البعيدة المدى.

وإن جمهورية طاجيكستان ستواصل إسهامها فيما بعد أيضاً في تحقيق أهداف المجتمع الدولي المنسقة بشأن تغير المناخ في إطار إمكانياتها المالية والاقتصادية ودعم المجتمع الدولي.

وشكراً.

 

facebook
twitter
 
استمرار
 
استمرار
استمرار
رسالة إلى رئيس جمهورية تاجيكستان
وفقا للمادة 21 من قانون جمهورية طاجيكستان "بشأن طلبات الأفراد والكيانات الاعتبارية"، إذا ما ذكر عنوان اللقب أو الاسم أو الاسم العائلي أو الاسم الكامل أو مكان الإقامة وعنوان موقعه، او قدم خطاء وكذلك دون توقيع، تعتبر مجهولة الهوية ولن تتطرق فيها، و إذا ما لم تكن لديها معلومات عن التحضير لجريمة أو جريمة التي ما ارتكبت فيها.
Image CAPTCHA
الصحافة والإعلام لرئاسة جمهورية طاجيكستان
تلفون/ فاكس.: ٢٢١٢٥٢٠ (٩٩٢٣٧